Sunday, December 23, 2007

توطئة:
لو دعيت يوما إلى زيارة الأسلاك الشائكة التي تفصلك عن موطنك
و كان بينك و بين الوصول لأرضك سلك حديديّ مهترئ
و لكنك تعلم أنه أرفع منك شأنا...
ما السؤال الذي سيطرأ على ذهنك؟
و ما الشعور الذي سيختلج في صدرك؟

******************

فكأنما كلّ الحجب عن عينيّ قد رفعت
و كل حنين الأرض استقر في دمي
يجتاحني...فيطالب باستعادة هوية ...
مني يوما قد أُسقطت

ها هي كل أرضي تمتد أمامي
بكل طهرها، و صدقها، و حزن صمتها
بكل أفراحها و أتراحها و آلام شعبها
بكل بقعة منها قد تضرجت بالدمّ
بكل قبر فيها قد احتواه قلب أمّ
تراءت لي ... بكل حنيني لها
و كل انتظارها...
و فوهات بنادق حراسها

قد أجبروني على الابتعاد
و جعلوا بيني و بينك سورا شائكاً
و رصاصةً في القلب قد أحالته كوم رماد...

فكأنما كل أشواقي استحالت خيمة تؤويني
ترفعني عاليا يملؤها الأمل
ثم تُدَكُّ حصونُها، فتُرديني
جسدا متهالكا قد ملَّ السقم
ثوبا ممزقا قد احترف الألم...
فأمسيتُ هالكا
و أصبحتُ هالكا...

فجئت إليكِ...
و ها أنا أقف بأسواركِ
لأسجل اعترافا ، برقيَّة اعتذار و ندم !
فأرجوكِ سامحيني...
فأنا الذي نصرتُكِ شعرا
أنا الذي تباكى على الأطلال دهرا
أنا ذاك الذي ليس يتقن إلا النواح
ذاك الذي أشبع الدنيا صراخا :
حي على الجهاد
حي على الفلاح
و لما يتقن بعد حمل السلاح !!!

قد جئت إليكِ...فإلى نفسي أعيديني
و علميني كيف أعيش بين جنباتكِ حرًّا
كيف أستجمع كلَّ حزني...فأشهره في وجه العدو حجرا
كيف أحيل منفاي وطنا و فخرا ؟!!!
علميني...
كيف رغم الأم ... أتفن فنَّ السرور؟
و كيف كل جنازة تضحي جسرا للعبور...نحو عالم حقا أجمل!!


علميني...
ثم سرًّا واعديني...
فهذا جسدي صرتي تملكيه
خذيه فاحتويه...
و عند هبوب العاصفة...
ابحثي عنه بين الأشلاء...فانتشليه
علَّك تجدين فيه بقية طهرٍ و عزَّة
علَّه يوما يستحق انتماءً إلى وطن...
ذاك الذي أسموه غزَّّة

انتهى




No comments: